Sunday, June 9, 2013

ما بين نوفمبر و مــايو - الرابـع





حان موعد الدشَه ..  فـ ودّع البحّارة أهاليهم ..  و أبحرت السفن و من بينها محمل النوخذه متخذين طريقهم إلى المغاصات البعيدة .. بحثاً عن اللؤلؤ
 
بـ مجرد وصول السفن الى المغاص .. تُلقي السفينة بـ المرساة "السن" فـ يُردد البحّارة:
 
نزلنا منزل مبارك و أبرك الدار .. على الهير و المحّــار
 
يحلّ الصباح .. فـ يستيقظ الغاصة و يصلوا الفجر جماعة .. ثم يأخذون بتناول طعام الإفطار المكون من الشاي و بضع حبات من التمر "القدوع"
 
يتناول الغاصة فطورهم على عجل و تحت صراخ النوخذا  (أو من ينوب عنه)الذي يعلم بأنه معدة الغاصة إذا امتلأت .. فـ إن ذلك سوف يعيقهم عن عملهم
 
و هكذا .. تبقى معدة الغيص قبل الأكل و بعده .. خــاوية
 
ليس ذلك فقط .. إلا إنه أيضا يتم إجبار الغاصة على تناول المُسهلات .. فـ يُجرّعونهم  "العشرج" و ذالك حتى تبقى بطونهم دائما خاوية .. و أجسامهم خفيفة .. فـ يكون غوصهم أعمق و لمدة أطول
 
يبدأ الغاصة مع طلوع الشمس بالتنقل من هير إلى هير بحثا عن المحار .. و ينتهي يومهم .. بـ مغيب الشمس
 
  من بينهم .. كان "أحمد" ذو التسع سنوات أو ربما عشر .. يُجهّز الفطور لـ هؤلاء .. و يأخذ ملابس أولئك لـ ينشرها فوق ظهر السفينة .. يُناديه النوخذه مره .. و السيب مره .. و ينتقل منفذا للأوامر هُنا و هُناك
 
كان يبكي كُل ليلة سوء حظه .. فـ الشمس حارقة .. و البطن خاوي .. و الجسد نحيل .. هنا بحر و نوخذه "أقشر" .. و لا شيء ينتظره هُناك على الأرض
 
في إحدى الليالي .. شعر "أحمد" بـ برد شديد .. فقد كان جسده النحيل يرتجف برداً .. و يكاد لا يستطيع حمل رأسه الثقيل
 
ذهب "أحمد" لـ أحد الغاصة الذي كان دائما ما يحدثه و يهوّن عليه شقاء البحر
 
أحمد: عمي "بو راشد" .. بردان و راسي ثقيل و ما أشوف عدل
 
أفترب الغيص "بو راشد" من "أحمد" و أخذ يتفحّص جسده و رأسه فـ وجد حراراتهما عاليه جدا
 
طلب "بو راشد" من "أحمد" شُرب المزيد من الماء و النوم علّه يصحوا بـ حال أفضل
 
نامت عيون "بـو راشد" و لم يستطع "أحمد" النوم .. كان يشعر بأن شيئاً ما يأكُل جسده

Sunday, June 2, 2013

ما بين نوفمبر و مــايو - الثالث


 
 
اتفق المُلا "بو عبداللّه" مع النوخذه على أن يركب "أحمد" المحمل و يرافق النوخذه و طاقمه من الغواصين في رحلة الغوص القادمة
 
إلا إنه لـ صغر عُمر "أحمد" .. و لإعتقاد النوخذه بأن "أحمد"  "توه ما يفتهم" .. قرر النوخذه أن يكون أجر أحمد بضع حبات من التمر بدلا عن المال الذي كان يأخذه كل من يعمل في محمل النوخذه
 
رضي "أحمد" بـ حبات التمر .. فـ هو لم يتعلم الإكتراث للمال حتى الآن
 
جاء موسم الغوص .. و خلت "الديرة" من الرجال إلا من بعض الطاعنين في السن و المرضى
 
ازدحم المحمل بالرجال و حاجياتهم .. بينهم "أحمد" الصغير يكاد لا يترك يد المُلا "بوعبدالله" خوفاً من الرجال
 
رجال شبه عراة .. أيديهم خشنة .. و ملامحهم قاسية .. لا يملكون شيئاً سوى صبرا و حلما بالعودة أحياء .. بالدانة
 
لم يكن "أحمد" طبعاً من الغواصين .. كان "تباباً" .. و هو صبي صغير على المحمل .. يخدم الغواصين و النوخذه و بقية الرجال
 
و هكذا بدأت رحلته في البحر